
المحرر: | عدد المشاهدات: 1
في تطوّر لافت يُنذر بأزمة دستورية عميقة، اعترض رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد على دعوة وجهها ائتلاف إدارة الدولة لعقد اجتماع تداولي يناقش التنازع بين قرارات المحكمة الاتحادية العليا ومحكمة التمييز، بمشاركة خبراء قانونيين ودستوريين.
وأكد رشيد، في وثيقة رسمية تحمل توقيعه بتاريخ 19 حزيران/يونيو، أن هذا التوجّه يمثل مساسًا بمبدأ استقلال القضاء، محذرًا من فتح باب التدخل في الشأن القضائي. واقترح بالمقابل دعوة مجلس القضاء الأعلى للانعقاد لبحث مسألة التنازع القانوني.
يأتي هذا الموقف في ظل أزمة تعصف بالمحكمة الاتحادية العليا، إثر تقديم ستة من أعضائها استقالاتهم، احتجاجًا على ما وصف بـ"الضغوط الحكومية" المتعلقة بقرار المحكمة بشأن اتفاقية خور عبد الله مع الكويت.
وكشف النائب في اللجنة القانونية محمد الخفاجي عن تقديم عدد من الاستقالات داخل المحكمة، واصفًا الوضع بـ"غير الطبيعي"، فيما أشار زميله النائب رائد المالكي إلى أن تسعة من القضاة – بينهم ستة أعضاء أصلاء – تقدموا باستقالاتهم، محذرًا من محاولات حكومية لتحويل المحكمة إلى "أداة طيعة" لتنفيذ ما يُراد باسم "المصلحة العليا".
واعتبر المالكي أن ما يحدث يمثل سابقة خطيرة تُعري فشل القيادات السياسية، مشددًا على ضرورة التفاهم البرلماني لاتخاذ موقف موحد من الأزمة.
وتعود جذور الأزمة إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر في أيلول/سبتمبر 2023، والذي قضى بعدم دستورية قانون تصديق الاتفاقية البحرية بين العراق والكويت الخاصة بتنظيم الملاحة في خور عبد الله، بدعوى مخالفته للمادة (61 / رابعا) من الدستور العراقي التي تشترط تصويت ثلثي البرلمان على الاتفاقيات الدولية.
وفي محاولة لإلغاء قرار المحكمة، قدم كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء طعنين منفصلين منتصف نيسان الماضي، مطالبين بالعدول عن القرار، باعتبار الاتفاقية جزءًا من التزامات العراق الدولية التي لا يجوز الرجوع عنها.
وتزامنًا مع هذه الاضطرابات القضائية، يواجه ملف رواتب موظفي إقليم كوردستان تعقيدات جديدة. فقد أصدرت وزارة المالية قرارًا بوقف التمويل بدعوى تجاوز الإقليم حصته من الموازنة، في وقت كانت المحكمة الاتحادية قد ألزمت الحكومة بدفع الرواتب مباشرة إلى الموظفين دون وساطة حكومة الإقليم.
ورغم لقاء جمع رئيس المحكمة الاتحادية برئيس الجمهورية في منتصف حزيران لمناقشة ملف الرواتب، إلا أن مراقبين يرون أن أزمة استقالات القضاة قد تؤدي إلى شلل مؤسسي يُعيق معالجة هذا الملف الشائك.
بهذا المشهد، تدخل البلاد مرحلة دقيقة من التوتر الدستوري والقانوني، تتقاطع فيها المصالح السياسية مع استقلال القضاء، في وقت تتصاعد فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
2025-06-22