The Best Street Style Looks from New York Fashion Week

المحرر: المؤرخ الراحل سعيد الديوه جي | عدد المشاهدات: 1722
تقع الموصل القديمة على الساحل الأيمن من نهر دجلة فوق ارض متموجة مرتفعة عن مستوى ماء النهر و يقوم السقاءون بنقل الماء من النهر الى المدينة و يستعمل ماء النهر للشرب و للطبخ اما الغسل و التنظيف و يقي المواشي فيكون من ماء البئر و ابار الموصل عسرة المياه غير صالحة للشرب ومع هذا فقلما تخلو دار في الموصل من بئر و في بعض البيوت الكبيرة و نجد اكثر من بئر واحد موزعة في اطراف الدار و بعضها في الفناء الخارجي يستعمل ماؤها في التنظيف و سقي الخيول و المواشي وعلى هذا كان نقل الماء من الحرف المهمة في البلد يعيش عليها مئات الأسر و تتولى مختلف الاعمال التي لها صلة بها مثل: السقا و الدباغ و الراوه جي -صانع الروايات-والبرذعجي-صانع البراذع-بائع الدواب- والنجار و الاساكفة و غيرهم وكانوا ينقلون الماء من النهر بواسطة: 1.
القربة: ويلفظها اهل الموصل(الجربة) بأبدال القاف جيما و تحمل الجربة على حمار متوسط الحجم و لكي يسهل رفعها الى ظهره و تثبت فوقه بحبل ليفي - يستورد من الهند زو يسمونه في الموصل حبل سوس) لان اليافه تشبه الياف (السوس) واحسن القرب هي التي تتخذ من جلد المعزى و يتولى الدباغ صقلها ودبغها قبل ان تستعمل 2.
الراوية: ويلفظها اهل الموصل(الغاوي) يحمل على جانبي(كديش) وقد يحمل (بغل) ايضا ويكون مع الراوية(دلو)يتخذ من جلده الجاموس يملا بواسطة هذا الدلوا فيسهل نقل الماء من الراوية الى المزملة او الحب و تتخذ الراوية من جلد الجاموس وهذا الجلد يستوردونه من الالوية الجنوبية التني يكثر فيها الجاموس و خاصة لواء العمارة فيتولى الدباغون تنظيفها ودبغها ثم يأخذها (الراوه جي) فيتخذون منها الراويا ودلاء للابار ودلاء كبير تسقى به المزارع الصيفية و كان في الموصل سوق واسعة (للراوه جية) يصدرون مايصنعونه الى دير الزور وعنه وراوه والى القرى الواقعة على نهر دجلة و التي تزرع الذره صيفا و يشتغل في نقل الماء عدة اشخاص.
أ‌- التلاي:الملاء: هو الذي يملاء القرب او الروايا من النهر و يوثق افواهها بخيوط قطنية ب‌- ثم يتناولها المشنيل: هو الذي يرفع القربة الى ظهر الحمار و يثبتها بحبل ليفي على ظهره ت‌- ثم يسوق (السواق): الحمير الى البلد و يسلمها الى من يتولى صبها و يكون بعهدة السواق اربعة حمير في الغالب او اكثر د- (الصباب): فيصبها في الدور التي عهد بها اليه ثم تعود الدواب مع السواق الى النهر لملئها ثانية وهكذا .
ويقف الصباب في اول الزقاق الذي سيصب الماء في دوره واذا ما انتهى منه تحول الى زقاق اخر حتى ينتهي من عمله و كانت المشرعات المزدحمة في حركة السقائين هي: 1- مشرعة شط الحصا: تقع جنوب المستشفى العسكري و تسمى ايضا (شط العرب) لان رواد هذا القسم اكثرهم من البدو سكنوا ظاهر الموصل - حول جامع النبي شيت وظاهر السور 2- مشرعة أمام المتصرفية القديمة : التي هي دار الضيافة في الوقت الحاضر وقد بوشر بهدمها قبل شهر 3- مشرعة جامع الخضر: ينزل اليها من الشارع الذي تقع عليه متوسظة المثنى في الوقت الحاضر 4- مشرعة جوبة البكارة ظاهر باب الطوب 5- مشرعة المدبغة تقع قرب المدبغة القديمة 6- مشرعة حمام التك تقع قرب المدبغة القديمة 7- مشرعة باب الجسر: تقع على جانبي باب الجسر الخشبي القديم و تكون على جانبيها المسابح النهرية ويسمى واحدها(الجرداغ) ويجمعونه على (جرادغ) يرتاد هذه المشرعة السقاؤون الذين ينقلون الماء الى الاسواق و المقاهي 8- مشرعة شط القلعة تقع امام حمام القلعة شمال سوق الميدان 9- مشرعة شط الدامي تقع شمال المشرعة المتقدم ذكرها 10- مشرعة شط المكاوي: وتسمى ايضا مشرعة باب الشط تقع امام باب شط المكاوي ونسبة الى الشيخ عبدالله المكى الذي عرفت محلة المكاوى به و المحلة بعيدة عن باب الشط وبما ان الساقئين الذين ينقلون الماء الى محلة المكاوى وما يجاورها يرتادون هذه المشرعة لذا غلب عليها الاسم المتقدم مع انها تقع شمال مدرسة يونس المعروفة بالمدرسة الكمالية والتي تعرف اليوم باسم(جامع شيخ الشط) 11- مشرعة شط السقائين: وهي من اكثر المشرعات ازدحاما تقع شمال المشرعة المتقدم ذكرها مشرعة شط المكاوى ينزل اليها من امام دور ال توحلة كما يرتادها اصحاب الخيول و المواشي لسقى خيولهم ومواشيهم وغسل اطرافها 12- مشرعة الباب الصغير ينزل اليها من لحف مشهد الامام يحيى بن القاسم و يرتادها اصحاب الخيول و المواشي وتكون مزدحمة بالمرتادين وقت العصر صيفا واكثرهم يشتغلون في غسل خيولهم و تنظيف المواشي وهي تمتد من تحت قره سراى بقايا دور المملكة الاتابكية الى قرب عين الكبريت شمالا ويرتادها بعض السقائين الذين ينقلون الماء الى (اكوار الجص) تقع هذه المشرعات كلها شرقي المدينة القديمة.
اما الاواني التي يحفظ بها الماء في الموصل فهي: 1- المزملة: وتكون مستطيلة الشكل منحوتة من حجر الحلان يغطى اعلاها بغطاء رخامي من نوعها وفي وسطه ثقب دائري الشكل له غطاء اخر يرفع عند صب الماء في (المزملة) ويتوقف حجمها على سعة الدار و كثرة سكانه.
وتوضع المزملة في مدخل الدار لكي يسهل على السقاء ماؤها من دون ان يدخل الدار ويؤخذ الماء منها من ثقب في وسطها وكان يحكم سده بعود يلف عليه قطعة قماش نظيفة وفي السنوات المتأخرة استعاضوا عن العود بحنفية (صنبور) ثبتوها في الثقب الذي ينزل منه الماء - الحب ويجمعه اهل الموصل على (حبوب) واحسنها ما كان يصنع في تل اسقف وباقوفا و باطنايا و هي قرى كبيرة متجاورة تقع بين تلكيف و القوش ويكون هذا النوع من الحب كثير الترشيح للماء و يرشح منه الى حب اخر اصغر منه و يوضع تحته ويسمونه (حب النقط) والمرد بحب النقط التي تقطر من الحب الذي فوقه ويهتم المواصلة بالحب وحب النقط فيعنون بنظافتهما و تغطيتهما بقماش نظيف بطبق ينسج من سيقان سنابل الحنظة و الشعير و يسمونه (طبق كصل) اي طبق قصل وبما ان تصفية الماء و تعقيمه لم تكن معروفة عندهم وان الماء الذي ياتي به السقا لايخلوا من اوساخ متنوعة لذا كانوا يعقمون الماء بوضع قليل من ماء (عين كبريت) في الحب الكبير ولايشربون الا(ماء النقط) الذي يكون خاليا من الاوساخ وقد يضع بعضهم فيه قليلا من ماء القداح الذي يستقطرونه من ازهار الحمضيات ويستورد من بغداد - ولاتخلوا دار في الصيف من جرة او اكثر يبردون بها الماء اما الفقراء و الفلاحون فكانوا ينقلون الماء بها الى دورهم وتحمل الجرة امراة او يضعون عدة اجرار فوق حمار تثبت على جانبيه بمشبك خشبي و اما الشربات (جمع شربة) فهي كثيرة في الدور و خاصة في فصل الصيف ففي النهار يضعونها فوق المحمل الخشبي في محل بارد وليلا يضعونها فوق حيطان السطح امام الهواء الغربي و اذا اشتد الحر و احتاجوا الى ماء مبرد وضعوا بعض (الشربات) في زنبيل ودلوها في البئر وتبقى فيه مدة من الزمن ثم يرفعونها ويشربون الماء وقد برد قليلا و كانوا يشربون الماء بواسطة اقداح خزفية مستديرة الشكل جميلة الصنع وهي من صنع الموصل تباع في سوق (القماطين) عند بائع الجرار و الشربات وهذا السوق يقع قرب باب الجسر وقد قل عدد الباعة فيه في ايامنا هذه لان الناس صاروا يتعملون الثلج و الثلاجات و استغنوا عن الجرار و الشربات ولكن الحب لم يزل له من الاهمية في تقطير الماء ماكانت له سابقا.
اما بعض اهل القرى و الاقضية التابعة للموصل فانهم كانوا يبردون الماء بواسطة اناء يتخذ من جلد (الجدى)(ولد الماعز)يسمى القوغة ويكون عبارعن نصف قربة يثبت في طرفها الاعلى خشبة على شكل صليب لكي تبقى مفتوحة ويعلقونها بغصن شجرة او بخشبة مثبته في سطح الدار فيبرد بها الماء وهي كثيرة الاستعمال في سنجار وتلعفر وما حولهما من قرى سقاة الماء وكان سقاة الماء في الاسواق يحملون جرارا كبيرة وقد غطوها بقطع شاش نظيف وفي ايديهم اقداح خزفية يدورون في الاسواق لسقي اصحاب الدكاكين والمارة وللسقاة سقائف(عرائش) يتخذونها من الحصران و اغصان السوس و يضعون فيها الحباب الكبيرة تكون على ساحل النهر و اكثرها في (باب السراي) تحت بلدية الموصل(باب الصغ) وبعضها قرب باب الجسر ولم تزل بقاياها موجودة.
وبعضهم كان يسبل ناء الجرة او اكثر تقربا الى الله تعالى وبان يدفع ثمن الماء الذي فيها للسقاء ويطلب اليه ان يسقى ما فيها من ماء الفقراء و القرويين الذين يرتادون السوق فينادى السقاء(رحم الله صاحب السبيل فيقبل الناس على الماء) وكان بعضهم ينصب قرب دكانه حبا كبيرا يملاءه بالماء البارد ويزين ظاهره بقطعة قماش تلف حوله ويكون فيها حبات حنطة فتنبت الحنطة حول الحب وتزين ظاهره بعشب اخضر .
وكانوا يضعون فيه الثلج ان وجد وبعض الاقداح الخزفية ولكي يشرب الناس منه وفي شهر رمضان المبارك تزداد عدد الحباب في الاسواق وفي الشوارع المطروقة وقد يضعون بجانب الحب اناء نحاسيا فيه لبن او شربت زبيب و خبز وتمر وحلويات وغير ذلك ليفطر عليها الصائمون الذين ادركهم المغرب ولم يصلوا دورهم كما يقصدها القرويون و الفقراء و غيرهم وكان بعض اهل القرية يضعةن حبا او اكثر في الطرق التي ترتادها القوافل لكي يشربوا منها اذا مروا بها وكان الفقراء من اهل القرية يقيمون حبا او اكثر على الطريق التي يمر بها ناقلوا سنابل الحقول الى البيادر واذا مروا بهم سقوهم الماء ودفعوا لهم باقة من سنابل فيجمعون من هذه مؤونة لهم.
ولا تنسى السبيلخات (السبيل) التي كانت تقام في الجوامع والمشاهد والاسواق والسبيلخانة عبارة عن :مزملة كبيرة تكون بقنطرة باب لجامع ولها شباك جميل يطل على الشارع وفيه فتحة مربوط بها سلسلة في نهايتها (كأس)(طاسة) من نحاس تدلى في المزملة ثم يرفعها من يريد الماء فيشرب منها.
ادركنا عشرات السبليخات في الموصل وكانت عامرة ملآنة بالماء ولها سقاء يشرف عليها ويمدها بالماء كلما قل فيها فتكون موردا للناس يقصدونها ويشربون منها كلما عطشوا هذا ما كان في مدينة الموصل وما حولها من قرى ونواحي اما المسافرون فكانوا يحملون ما يحتاجونه من ماء بواسطة جرة صغيرة حجمها بقدر (الشربة) لها فوهة ضيقة طويلة يملائها المسافر ويحملها معه على الدابة التي يسافر عليها ويسمونها (التنك) وربما كانت (التنكة) البغدادية مؤنث هذه(التنكة).
وقد يغطى التنك بقطعة قماش تكون مبلولة بالماء ويكون ماؤه باردا وهو من لوازم السفر التي لايستغنى عنها كل احد واذا كانت المسافرة بعيدة ويتعذر الحصول على الماء في الطريق فيحمل المسافر (تنكين) يكونفيهما مايحتاجه في سفرته.
اما السقاء ومن يشتغل معه في نقل الماء وملاء القرب وصبها فانهم يكونون حفاة اكثر السنة لان عملهم يتطلب هذا واهل الموصل يضربون المثل بمن يكون رزقه على قدر عمله واذا توقف عمله انقطع رزقه فيقولون عنه انه يشبه السقا واذا كان في الماء فان سيقانه تكون مبلولة واذا خرج من الماء جفت (مثل ساقات السقا من طلع من الماي يبست ساقاتو)(سيقانه).
وجحش السقا يعرف مكان الحب الذي يصب به ولذا فانه اذا ما وصل الى جانبه توقف عن المسير سواء كانت عليه قربة او فارغة وعلى هذا يشبه اهل الموصل من كان لايفرق بين عمله سواء كان ناجحا او غير ناجح فيقولون عنه (مثل جحش السقا يقف عند الحب) وبما ان السقا يهتم في توزيع الماء على البيوت التي تعهد بها لذا فانه ربما نسى داره فتكون خالية من الماء وعلى هذا يقول اهل الموصل (ابن الاسكافي حافي .
وبيت السقا عطشان) يضرب هذا المثل لمن يهمل اهله ويهتم بغيرهم طلبا لرزقه.
ويقولون لمن يتعاطى عملين متناقضين (هم سقا .
وهم جوخدار) والجوخدار لفظ فارسي يطلق على الخادم الذي كان يحمل قطعه من جوخ .
تكون مطوية على كتفه .
ويسير وراء سيده فاذا ترجل السيد من فرسه وضع قطعة الجوخ فوق السرج ليبقى نظيفا من الغبار ويكون الجوخدار نظيفا بعكس السقا الذي يكون مبلولا وسخ الاقدام والثياب فمن كان له عملان متناقضان في وقت واحد فهو سقا وجوخدار.
هذا ما تمكنا من جمعه عن السقاء في الموصل.
2014-12-03

روابط اخرى